صلات حميمة
المقدمة
الشركة – كلمة جميلة. إنها ما خُلقت لأجله. إنها تشبع أعمق الأشواق في قلبك. هي الحل للوحدة. لا شيء في هذه الحياة يقارن بها. وهي تبدأ الآن وتستمر إلى الأبد.
ما من فرح في الحياة أعظم من فرحة الشركة. يريد يوحنا لقرائه أن يتمتعوا بنفس الشركة التي تمتع بها: "نريدكم أن تتمتعوا بها أنتم أيضا. وسيضاعف فرحكم فرحنا" (1يو3:1، الرسالة).
كوينونيا، الكلمة اليونانية المستخدمة للشركة، وهي تقريبا غير قابلة للترجمة. فهي تعبر عن العلاقة ذات حميمية وعمق عظيمين. بل وقد أصبحت التعبير المفضل عن العلاقة الزوجية – وهي أكثر العلاقات حميمية بين البشر. إنها كلمة غنية تصف الحياة معا والتي يصبح فيها كل شيء مشتركا. هذه هي الكلمة التي يستخدمها يوحنا للتعبير عن علاقتنا الحميمة مع الله (ع3).
كما إنها تصف أيضا علاقتنا مع أحدنا الآخر. يمكنك أن تكون لديك صداقات حقيقية عميقة وعلاقات تمتاز بالأمانة. لا حاجة لوجود أقنعة أو "لف ودوران" أو "صورة خارجية". يمكنك أن تكون حقيقيا أمام الله وأمام الآخرين. والنتيجة هي مستوى من الصلات الحميمة مع أحدنا الآخر والتي تتلخص بأفضل صورة في تلك الكلمة الجميلة، "الشركة".
المَزاميرُ 136:1-12
المَزمورُ المِئَةُ والسّادِسُ والثَّلاثونَ
1 اِحمَدوا الرَّبَّ لأنَّهُ صالِحٌ، لأنَّ إلَى الأبدِ رَحمَتَهُ.
2 احمَدوا إلهَ الآلِهَةِ، لأنَّ إلَى الأبدِ رَحمتَهُ.
3 احمَدوا رَبَّ الأربابِ، لأنَّ إلَى الأبدِ رَحمَتَهُ.
4 الصّانِعَ العَجائبَ العِظامَ وحدَهُ، لأنَّ إلَى الأبدِ رَحمَتَهُ.
5 الصّانِعَ السماواتِ بفَهمٍ، لأنَّ إلَى الأبدِ رَحمَتَهُ.
6 الباسِطَ الأرضَ علَى المياهِ، لأنَّ إلَى الأبدِ رَحمَتَهُ.
7 الصّانِعَ أنوارًا عظيمَةً، لأنَّ إلَى الأبدِ رَحمَتَهُ.
8 الشَّمسَ لحُكمِ النَّهارِ، لأنَّ إلَى الأبدِ رَحمَتَهُ.
9 القَمَرَ والكَواكِبَ لحُكمِ اللَّيلِ، لأنَّ إلَى الأبدِ رَحمَتَهُ.
10 الّذي ضَرَبَ مِصرَ مع أبكارِها، لأنَّ إلَى الأبدِ رَحمَتَهُ.
11 وأخرَجَ إسرائيلَ مِنْ وسَطِهِمْ، لأنَّ إلَى الأبدِ رَحمَتَهُ.
12 بيَدٍ شَديدَةٍ وذِراعٍ مَمدودَةٍ، لأنَّ إلَى الأبدِ رَحمَتَهُ.
تعليق
اشكر الله
الله يحبك. نحتاج أن يتم تذكيرنا بصفة دائمة بمحبة الله لنا. ستة وعشرون مرة في هذا المزمور يكرر المرنم، "لأن إلى الأبد رحمته". تُبنى صلتك الحميمة مع الرب على محبته الثابتة لك.
استجب بتقديم "الشكر" لله على:
- من هو
إنه صالح (ع1). إنه "إله الآلهة" "ورب الأرباب" (ع2-3).
- ما صنعه
إنه يصنع عجائب عظيمة. فقد صنع السموات وبسط الأرض؛ صنع الشمس والقمر والنجوم (ع4-9).
- ما فعله لأجلك
يده قوية وذراعه ممدودة نحوك (ع12).
يا رب، أشكرك لأن محبتك لي تدوم إلى البد.
يوحَنا الأولَى 1:1-2:11
السلوك في النور
1 الّذي كانَ مِنَ البَدءِ، الّذي سمِعناهُ، الّذي رأيناهُ بعُيونِنا، الّذي شاهَدناهُ، ولَمَسَتهُ أيدينا، مِنْ جِهَةِ كلِمَةِ الحياةِ.
2 فإنَّ الحياةَ أُظهِرَتْ، وقَدْ رأينا ونَشهَدُ ونُخبِرُكُمْ بالحياةِ الأبديَّةِ الّتي كانتْ عِندَ الآبِ وأُظهِرَتْ لنا.
3 الّذي رأيناهُ وسَمِعناهُ نُخبِرُكُمْ بهِ، لكَيْ يكونَ لكُمْ أيضًا شَرِكَةٌ معنا. وأمّا شَرِكَتُنا نَحنُ فهي مع الآبِ ومَعَ ابنِهِ يَسوعَ المَسيحِ.
4 ونَكتُبُ إلَيكُمْ هذا لكَيْ يكونَ فرَحُكُمْ كامِلًا.
السلوك في النور
5 وهذا هو الخَبَرُ الّذي سمِعناهُ مِنهُ ونُخبِرُكُمْ بهِ: إنَّ اللهَ نورٌ وليس فيهِ ظُلمَةٌ البَتَّةَ.
6 إنْ قُلنا: إنَّ لنا شَرِكَةً معهُ وسَلكنا في الظُّلمَةِ، نَكذِبُ ولَسنا نَعمَلُ الحَقَّ.
7 ولكن إنْ سلكنا في النّورِ كما هو في النّورِ، فلَنا شَرِكَةٌ بَعضِنا مع بَعضٍ، ودَمُ يَسوعَ المَسيحِ ابنِهِ يُطَهِّرُنا مِنْ كُلِّ خَطيَّةٍ.
8 إنْ قُلنا: إنَّهُ ليس لنا خَطيَّةٌ نُضِلُّ أنفُسَنا وليس الحَقُّ فينا.
9 إنِ اعتَرَفنا بخطايانا فهو أمينٌ وعادِلٌ، حتَّى يَغفِرَ لنا خطايانا ويُطَهِّرَنا مِنْ كُلِّ إثمٍ.
10 إنْ قُلنا: إنَّنا لَمْ نُخطِئْ نَجعَلهُ كاذِبًا، وكلِمَتُهُ لَيسَتْ فينا.
أبناء الله
1 يا أولادي، أكتُبُ إلَيكُمْ هذا لكَيْ لا تُخطِئوا. وإنْ أخطأَ أحَدٌ فلَنا شَفيعٌ عِندَ الآبِ، يَسوعُ المَسيحُ البارُّ.
2 وهو كفّارَةٌ لخطايانا. ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كُلِّ العالَمِ أيضًا.
3 وبهذا نَعرِفُ أنَّنا قد عَرَفناهُ: إنْ حَفِظنا وصاياهُ.
4 مَنْ قالَ: «قد عَرَفتُهُ» وهو لا يَحفَظُ وصاياهُ، فهو كاذِبٌ وليس الحَقُّ فيهِ.
5 وأمّا مَنْ حَفِظَ كلِمَتَهُ، فحَقًّا في هذا قد تكمَّلَتْ مَحَبَّةُ اللهِ. بهذا نَعرِفُ أنَّنا فيهِ:
6 مَنْ قالَ: إنَّهُ ثابِتٌ فيهِ يَنبَغي أنَّهُ كما سلكَ ذاكَ هكذا يَسلُكُ هو أيضًا.
7 أيُّها الإخوَةُ، لَستُ أكتُبُ إلَيكُمْ وصيَّةً جديدَةً، بل وصيَّةً قَديمَةً كانتْ عِندَكُمْ مِنَ البَدءِ. الوَصيَّةُ القَديمَةُ هي الكلِمَةُ الّتي سمِعتُموها مِنَ البَدءِ.
8 أيضًا وصيَّةً جديدَةً أكتُبُ إلَيكُمْ، ما هو حَقٌّ فيهِ وفيكُم: أنَّ الظُّلمَةَ قد مَضَتْ، والنّورَ الحَقيقيَّ الآنَ يُضيءُ.
9 مَنْ قالَ: إنَّهُ في النّورِ وهو يُبغِضُ أخاهُ، فهو إلَى الآنَ في الظُّلمَةِ.
10 مَنْ يُحِبُّ أخاهُ يَثبُتُ في النّورِ وليس فيهِ عَثرَةٌ.
11 وأمّا مَنْ يُبغِضُ أخاهُ فهو في الظُّلمَةِ، وفي الظُّلمَةِ يَسلُكُ، ولا يَعلَمُ أين يَمضي، لأنَّ الظُّلمَةَ أعمَتْ عَينَيهِ.
تعليق
تحدث إلى الله
عرف يوحنا عم كان يتحدث. فقد عرف يسوع المسيح شخصيا. وكان التلميذ الذي أحبه يسوع بصورة خاصة (يو23:13)، والذي قضى معه قدرا ضخما من وقته.
يكتب يوحنا، وهو شيخ متقدم في العمر الآن، إنه قد "سمع" "ورأى" "ونظر إلى" "ولمس" يسوع (1يو1:1). ما قد "رآه" يريد أن "يشهد" عنه "ويعلنه"، لكي تكون لقارئي كلماته أيضا صلة حميمة مع الآب ومع ابنه، يسوع المسيح (ع2-3).
المذهل في الأمر هو إنه يمكنك أنت أيضا أن تختبر هذه الصلة الحميمة: "الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضًا شَرِكَةٌ مَعَنَا. وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (ع3).
كيف يمكنك أن تحوز هذه الصلة الحميمة مع الآب والابن؟
لقد صار في إمكانك أن "تسير في النور" بسبب "دم يسوع" الذي "يطهر من كل خطية" (ع7). بسبب هذا، حتى رغم كوننا لا نزال خطاة (ع8)، إلا إننا نحصل على غفران مستمر عن خطايانا. أنت مدعو لهذه العلاقة الحميمة معه، حيث يمكنك أن تتحدث إليه عن خطاياك وأن تكون متأكدا من الغفران: "إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ" (ع9).
دم يسوع يطهرك باستمرار بنفس الطريقة التي يقوم بها كل من كبدك ودمك المادي معا بتطهير جسدك المادي باستمرار.
الشيء المطلوب الوحيد هو أن تعترف بأنك أخطأت وتعترف بخطاياك.
قدم لله دائما تقريرا مختصرا. عندما تخطيء، اعترف بسرعة وتُب واقبل تطهير الله. ثم قم واستمر في المضي قدما.
يوجد هنا توازن غير عادي. ليس من المفترض بنا أن نخطيء، بل أن نسير في النور. ولكن، كلنا أخطأنا، و"إِنْ قُلْنَا: إِنَّنَا لَمْ نُخْطِئْ نَجْعَلْهُ كَاذِبًا، وَكَلِمَتُهُ لَيْسَتْ فِينَا" (ع10).
وهذا يقود إلى مزيج رائع: يوحنا يفعل شيئين معا إذ هو يشجع قراءه ألا يخطئوا، بينما في نفس الوقت يؤكد لهم نعمة الله ورحمته إن أخطأوا (1:2). هذا الاتزان في الدعوة إلى القداسة بجوار النعمة هو قلب الحياة المسيحية.
فبصورة رائعة، عندما نثير الفوضى من حولنا، نجد يسوع هو "المحامي عنا" (ترجمة KJV)، إنه محامي الدفاع الإلهي عنا: "وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ" (ع1).
إنها ذبيحة يسوع على الصليب لأجلك هي التي تمكنك من أن تتحدث إلى الآب والابن في علاقة حميمة "وشركة عميقة" (3:1). أنت مدعو لأن تعرف الله (4:2) وتختبر محبته لك (ع5). "كل من يدعي إنه له علاقة حميمة مع الله ينبغي أن يحيا نفس نوعية الحياة التي عاشها يسوع" (ع6، الرسالة).
جزء من هذا يُرى في علاقاتنا مع أحدنا الآخر في المجتمع المسيحي. "وَلكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ ... فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ" (7:1). الضمير النقي والمحبة والطاعة والحميمية مع الله والحميمية مع أحدنا الآخر كلها تسير معا يدا بيد.
يا رب، أشكرك من أجل الامتياز الرائع المتمثل في كوني أستطيع أن تكون لي شركة معك ومع إخوتي بدمك المسفوك لأجلنا على الصليب.
دانيآل 5:17-6:28
17 فأجابَ دانيآلُ وقالَ قُدّامَ المَلِكِ: «لتَكُنْ عَطاياكَ لنَفسِكَ وهَبْ هِباتِكَ لغَيري. لكني أقرأُ الكِتابَةَ للمَلِكِ وأُعَرِّفُهُ بالتَّفسيرِ.
18 أنتَ أيُّها المَلِكُ، فاللهُ العَليُّ أعطَى أباكَ نَبوخَذنَصَّرَ ملكوتًا وعَظَمَةً وجَلالًا وبَهاءً.
19 ولِلعَظَمَةِ الّتي أعطاهُ إيّاها كانتْ ترتَعِدُ وتَفزَعُ قُدّامَهُ جميعُ الشُّعوبِ والأُمَمِ والألسِنَةِ. فأيًّا شاءَ قَتَلَ، وأيًّا شاءَ استَحيا، وأيًّا شاءَ رَفَعَ، وأيًّا شاءَ وضَعَ.
20 فلَمّا ارتَفَعَ قَلبُهُ وقَسَتْ روحُهُ تجَبُّرًا، انحَطَّ عن كُرسيِّ مُلكِهِ، ونَزَعوا عنهُ جَلالهُ،
21 وطُرِدَ مِنْ بَينِ النّاسِ، وتَساوَى قَلبُهُ بالحَيَوانِ، وكانتْ سُكناهُ مع الحَميرِ الوَحشيَّةِ، فأطعَموهُ العُشبَ كالثّيرانِ، وابتَلَّ جِسمُهُ بنَدَى السماءِ، حتَّى عَلِمَ أنَّ اللهَ العَليَّ سُلطانٌ في مَملكَةِ النّاسِ، وأنَّهُ يُقيمُ علَيها مَنْ يَشاءُ.
22 وأنتَ يا بَيلشاصَّرُ ابنَهُ لَمْ تضَعْ قَلبَكَ، مع أنَّكَ عَرَفتَ كُلَّ هذا،
23 بل تعَظَّمتَ علَى رَبِّ السماءِ، فأحضَروا قُدّامَكَ آنيَةَ بَيتِهِ، وأنتَ وعُظَماؤُكَ وزَوْجاتُكَ وسَراريكَ شَرِبتُمْ بها الخمرَ، وسَبَّحتَ آلِهَةَ الفِضَّةِ والذَّهَبِ والنِّحاسِ والحَديدِ والخَشَبِ والحَجَرِ الّتي لا تُبصِرُ ولا تسمَعُ ولا تعرِفُ. أمّا اللهُ الّذي بيَدِهِ نَسَمَتُكَ، ولهُ كُلُّ طُرُقِكَ فلَمْ تُمَجِّدهُ.
24 حينَئذٍ أُرسِلَ مِنْ قِبَلِهِ طَرَفُ اليَدِ، فكُتِبَتْ هذِهِ الكِتابَةُ.
25 وهذِهِ هي الكِتابَةُ الّتي سُطِّرَتْ: مَنا مَنا تقَيلُ وفَرسينُ.
26 وهذا تفسيرُ الكلامِ: مَنا، أحصَى اللهُ ملكوتك وأنهاهُ.
27 تقَيلُ، وُزِنتَ بالمَوازينِ فوُجِدتَ ناقِصًا.
28 فرسِ، قُسِمَتْ مَملكَتُكَ وأُعطيَتْ لمادي وفارِسَ».
29 حينَئذٍ أمَرَ بَيلشاصَّرُ أنْ يُلبِسوا دانيآلَ الأرجوانَ وقِلادَةً مِنْ ذَهَبٍ في عُنُقِهِ، ويُنادوا علَيهِ أنَّهُ يكونُ مُتَسَلِّطًا ثالِثًا في المَملكَةِ.
30 في تِلكَ اللَّيلَةِ قُتِلَ بَيلشاصَّرُ مَلِكُ الكلدانيّينَ،
31 فأخَذَ المَملكَةَ داريّوسُ الماديُّ وهو ابنُ اثنَتَينِ وسِتّينَ سنَةً.
دانيال في جب الأسود
1 حَسُنَ عِندَ داريّوسَ أنْ يوَلّيَ علَى المَملكَةِ مِئَةً وعِشرينَ مَرزُبانًا يكونونَ علَى المَملكَةِ كُلِّها.
2 وعلَى هؤُلاءِ ثَلاثَةَ وُزَراءَ أحَدُهُمْ دانيآلُ، لتؤَدّيَ المَرازِبَةُ إليهِمِ الحِسابَ فلا تُصيبَ المَلِكَ خَسارَةٌ.
3 ففاقَ دانيآلُ هذا علَى الوُزَراءِ والمَرازِبَةِ، لأنَّ فيهِ روحًا فاضِلَةً. وفَكَّرَ المَلِكُ في أنْ يوَلّيَهُ علَى المَملكَةِ كُلِّها.
4 ثُمَّ إنَّ الوُزَراءَ والمَرازِبَةَ كانوا يَطلُبونَ عِلَّةً يَجِدونَها علَى دانيآلَ مِنْ جِهَةِ المَملكَةِ، فلَمْ يَقدِروا أنْ يَجِدوا عِلَّةً ولا ذَنبًا، لأنَّهُ كانَ أمينًا ولَمْ يوجَدْ فيهِ خَطأٌ ولا ذَنبٌ.
5 فقالَ هؤُلاءِ الرِّجالُ: «لا نَجِدُ علَى دانيآلَ هذا عِلَّةً إلّا أنْ نَجِدَها مِنْ جِهَةِ شَريعَةِ إلهِهِ».
6 حينَئذٍ اجتَمَعَ هؤُلاءِ الوُزَراءُ والمَرازِبَةُ عِندَ المَلِكِ وقالوا لهُ هكذا: «أيُّها المَلِكُ داريوسُ، عِشْ إلَى الأبدِ!
7 إنَّ جميعَ وُزَراءِ المَملكَةِ والشِّحَنِ والمَرازِبَةِ والمُشيرينَ والوُلاةِ قد تشاوَروا علَى أنْ يَضَعوا أمرًا مَلكيًّا ويُشَدِّدوا نَهيًا، بأنَّ كُلَّ مَنْ يَطلُبُ طِلبَةً حتَّى ثَلاثينَ يومًا مِنْ إلهٍ أو إنسانٍ إلّا مِنكَ أيُّها المَلِكُ، يُطرَحُ في جُبِّ الأُسودِ.
8 فثَبِّتِ الآنَ النَّهيَ أيُّها المَلِكُ، وأمضِ الكِتابَةَ لكَيْ لا تتَغَيَّرَ كشَريعَةِ مادي وفارِسَ الّتي لا تُنسَخُ».
9 لأجلِ ذلكَ أمضَى المَلِكُ داريوسُ الكِتابَةَ والنَّهيَ.
10 فلَمّا عَلِمَ دانيآلُ بإمضاءِ الكِتابَةِ ذَهَبَ إلَى بَيتِهِ، وكواهُ مَفتوحَةٌ في عُلّيَّتِهِ نَحوَ أورُشَليمَ، فجَثا علَى رُكبَتَيهِ ثَلاثَ مَرّاتٍ في اليومِ، وصَلَّى وحَمَدَ قُدّامَ إلهِهِ كما كانَ يَفعَلُ قَبلَ ذلكَ.
11 فاجتَمَعَ حينَئذٍ هؤُلاءِ الرِّجالُ فوَجَدوا دانيآلَ يَطلُبُ ويَتَضَرَّعُ قُدّامَ إلهِهِ.
12 فتقَدَّموا وتَكلَّموا قُدّامَ المَلِكِ في نَهيِ المَلِكِ: «ألَمْ تُمضِ أيُّها المَلِكُ نَهيًا بأنَّ كُلَّ إنسانٍ يَطلُبُ مِنْ إلهٍ أو إنسانٍ حتَّى ثَلاثينَ يومًا إلّا مِنكَ أيُّها المَلِكُ يُطرَحُ في جُبِّ الأُسودِ؟» فأجابَ المَلِكُ وقالَ: «الأمرُ صَحيحٌ كشَريعَةِ مادي وفارِسَ الّتي لا تُنسَخُ».
13 حينَئذٍ أجابوا وقالوا قُدّامَ المَلِكِ: «إنَّ دانيآلَ الّذي مِنْ بَني سبيِ يَهوذا لَمْ يَجعَلْ لكَ أيُّها المَلِكُ اعتِبارًا ولا للنَّهيِ الّذي أمضَيتَهُ، بل ثَلاثَ مَرّاتٍ في اليومِ يَطلُبُ طِلبَتَهُ».
14 فلَمّا سمِعَ المَلِكُ هذا الكلامَ اغتاظَ علَى نَفسِهِ جِدًّا، وجَعَلَ قَلبَهُ علَى دانيآلَ ليُنَجّيَهُ، واجتَهَدَ إلَى غُروبِ الشَّمسِ ليُنقِذَهُ.
15 فاجتَمَعَ أولئكَ الرِّجالُ إلَى المَلِكِ وقالوا للمَلِكِ: «اعلَمْ أيُّها المَلِكُ أنَّ شَريعَةَ مادي وفارِسَ هي أنَّ كُلَّ نَهيٍ أو أمرٍ يَضَعُهُ المَلِكُ لا يتَغَيَّرُ».
16 حينَئذٍ أمَرَ المَلِكُ فأحضَروا دانيآلَ وطَرَحوهُ في جُبِّ الأُسودِ. أجابَ المَلِكُ وقالَ لدانيآلَ: «إنَّ إلهَكَ الّذي تعبُدُهُ دائمًا هو يُنَجّيكَ».
17 وأُتيَ بحَجَرٍ ووُضِعَ علَى فمِ الجُبِّ وخَتَمَهُ المَلِكُ بخاتِمِهِ وخاتِمِ عُظَمائهِ، لئَلّا يتَغَيَّرَ القَصدُ في دانيآلَ.
18 حينَئذٍ مَضَى المَلِكُ إلَى قَصرِهِ وباتَ صائمًا، ولَمْ يؤتَ قُدّامَهُ بسَراريهِ وطارَ عنهُ نَوْمُهُ.
19 ثُمَّ قامَ المَلِكُ باكِرًا عِندَ الفَجرِ وذَهَبَ مُسرِعًا إلَى جُبِّ الأُسودِ.
20 فلَمّا اقتَرَبَ إلَى الجُبِّ نادَى دانيآلَ بصوتٍ أسيفٍ. أجابَ المَلِكُ وقالَ لدانيآلَ: «يا دانيآلُ عَبدَ اللهِ الحَيِّ، هل إلهُكَ الّذي تعبُدُهُ دائمًا قدرَ علَى أنْ يُنَجّيَكَ مِنَ الأُسودِ؟»
21 فتكلَّمَ دانيآلُ مع المَلِكِ: «يا أيُّها المَلِكُ، عِشْ إلَى الأبدِ!
22 إلهي أرسَلَ مَلاكَهُ وسَدَّ أفواهَ الأُسودِ فلَمْ تضُرَّني، لأنّي وُجِدتُ بَريئًا قُدّامَهُ، وقُدّامَكَ أيضًا أيُّها المَلِكُ، لَمْ أفعَلْ ذَنبًا».
23 حينَئذٍ فرِحَ المَلِكُ بهِ، وأمَرَ بأنْ يُصعَدَ دانيآلُ مِنَ الجُبِّ. فأُصعِدَ دانيآلُ مِنَ الجُبِّ ولَمْ يوجَدْ فيهِ ضَرَرٌ، لأنَّهُ آمَنَ بإلهِهِ.
24 فأمَرَ المَلِكُ فأحضَروا أولئكَ الرِّجالَ الّذينَ اشتَكَوْا علَى دانيآلَ وطَرَحوهُم في جُبِّ الأُسودِ هُم وأولادَهُمْ ونِساءَهُمْ. ولَمْ يَصِلوا إلَى أسفَلِ الجُبِّ حتَّى بَطَشَتْ بهِمِ الأُسودُ وسَحَقَتْ كُلَّ عِظامِهِمْ.
25 ثُمَّ كتَبَ المَلِكُ داريّوسُ إلَى كُلِّ الشُّعوبِ والأُمَمِ والألسِنَةِ السّاكِنينَ في الأرضِ كُلِّها: «ليَكثُرْ سلامُكُمْ.
26 مِنْ قِبَلي صَدَرَ أمرٌ بأنَّهُ في كُلِّ سُلطانِ مَملكَتي يَرتَعِدونَ ويَخافونَ قُدّامَ إلهِ دانيآلَ، لأنَّهُ هو الإلهُ الحَيُّ القَيّومُ إلَى الأبدِ، وملكوتُهُ لن يَزولَ وسُلطانُهُ إلَى المُنتَهَى.
27 هو يُنَجّي ويُنقِذُ ويَعمَلُ الآياتِ والعَجائبَ في السماواتِ وفي الأرضِ. هو الّذي نَجَّى دانيآلَ مِنْ يَدِ الأُسودِ».
28 فنَجَحَ دانيآلُ هذا في مُلكِ داريّوسَ وفي مُلكِ كورَشَ الفارِسيِّ.
تعليق
ثق في الله
تمتع دانيال بصلة حميمة وثيقة مع الله. إنه مثال رائع عن شخص لديه ثقة تامة وكاملة في الرب. حيث يرفض هبات بيلشاصر (17:5). كن مدققا في قبولك للهدايا ببساطة من أي شخص. لم يرد دانيال أن يجازف بمكانته أو وضعه.
كانت خطايا بيلشاصر هي: أولا: الكبرياء (ع20) – لم يضع نفسه (ع22)؛ ثانيا: الغطرسة (ع20) – فقد جعل نفسه ضد رب السماء (ع23)؛ وثالثا: عبادة الأوثان – إذ كان يُسبِّح آلهة الفضة والذهب (ع23).
أما دانيال فكان نموذجا ممتازا لرجل السياسة المسيحي. ليس فقط لإن ذكاءه فاق الآخرين تماما. ما جعله حقا متميزا كان استقامته ونزاهته. عندما حاولوا أن يجدوا فضيحة قديمة أو دليلا ماديا ضده لم يقدروا أن يجدوا شيئا: "فقد كان شخصا نموذجيا وجديرا بالثقة تماما. فلم يقدروا أن يجدوا أي دليل على الإهمال أو سوء السلوك" (4:6، الرسالة).
لا يستطيع الكثيرون منا أن يكونوا مميزين كما كان دانيال (ع3)، لكن يمكننا جميعا أن يكون لدينا "روح ممتازة" (ع3، المكبرة). اسعَ لأن تكون جديرا بالثقة في عملك، وأن تكون أمينا وحريصا، "ولست فاسدا أو مهملا" (ع4، تفسيرية). كن أمينا في عملك، والأكثر أهمية كن أمينا في علاقتك مع الله.
كان دانيال واحدا من الثلاثة ذوي المنصب الأعلى في الدولة وكانت عليه مسئولية ضخمة. كان مشغولا جدا ولديه وظيفة تستهلك كل وقته. ومع هذا فقد نجح في أن يجد الوقت ليصلي ثلاث مرات يوميا.
عاش دانيال في بابل لسنوات كثيرة قبيل هذه المرحلة وكان موقفه من الحكومة مهما جدا. فقد قام بكل الدور الذي عليه. وأطاع كل القوانين. عرف المشتكون عليه هذا. وقد أدركوا أن الطريقة الوحيدة ليهاجموه كانت أن يختلقوا قانونا يتعارض مع الله – فابتكروا قانونا يجرم الصلاة (ع5-7). لم يتردد دانيال في عصيان هذا الأمر علانية (ع10).
يرتبط الحديث مع الله بصورة لا تنفصم بالثقة فيه. كانت الشركة مع الله هي الأولوية رقم واحد في حياة دانيال. فاستمر في الصلاة تماما كما كان يفعل دائما. رفض أن يقدم تنازلات. لم يحاول حتى أن يخبيء حقيقة إنه كان يصلي. فقد أبقى النوافذ مفتوحة كما فعل من قبل – حتى يستطيع الجميع أن يروا.
أُلقي بدانيال في جب الأسود. تبدو القصة كلها إنها تمثل ظلا للفترة الأخيرة من حياة يسوع:
- فقد أدت الغيرة إلى اتهامات كاذبة ضده
- لم يقدر أعداءه أن يجدوا أي أساس لأي تهمة
- في النهاية لجأوا إلى تهمة دينية
- ملك معارض وضعيف تم إقناعه بالقيام بتصرف لم يكن حقا يريد القيام به
- شجاعة دانيال العظيمة تمثل ظلا لشجاعة يسوع الفائقة
- يمثل إنقاذ الله ظلا للقيامة
- حتى القبر الفارغ يبدو إن له ظل في تلك القصة: "وَأُتِيَ بِحَجَرٍ وَوُضِعَ عَلَى فَمِ الْجُبِّ وَخَتَمَهُ الْمَلِكُ ... ثُمَّ قَامَ الْمَلِكُ بَاكِرًا عِنْدَ الْفَجْرِ وَذَهَبَ مُسْرِعًا إِلَى جُبِّ الأُسُودِ" (ع17، 19).
السر في كل قصة دانيال هو الثقة التامة في الله. هذا ما جعله غير خائف. يقال إن الأسود لم تأكل دانيال "لأنه كان نحيفا مثل الهيكل العظمي"! لقد خدم الله بصورة متواصلة (ع16، 20)، وكان مشهورا ويُعرف عنه إنه خادم الله الحي (ع20). كان تحت تصرف الله في كل لحظة من اليوم.
قاوِم الضغط بأن تقدم حلولا وسطا. استمر في الثقة في الله حتى عندما يبدو كل شيء إنه يسير في الاتجاه الخطأ. لتكن لديك الشجاعة لتكون مختلفا.
يا رب، ساعدني لأظل أسير في علاقة حميمة من التواصل معك – شاكرا إياك ومتحدثا معك وواثقا فيك.
تعليق من بيبا
تعليق من بيبا
نحتاج المزيد من الناس على شاكلة دانيال حتى ينصحوا قادتنا. من المثير للإعجاب إنه كان مخلصا جدا لكل من نبوخذ نصر وداريوس. لكنه لم يساوم على إيمانه. فقد اتبع الله أولا وكان ناصحا، ورجل سياسة ثانيا.
التطبيق
قم بتنزيل تطبيق الكتاب المقدس في سنة واحدة لأجهزة iOS أو Android واقرأ كل يوم.
سجل الآن لتحصل على الكتاب المقدس في عام واحد على بريدك الإلكتروني كل صباح. ستتلقى بريدًا إلكترونيًا واحدًا كل يوم.
كتاب
نيكي جومبل ، رائد برنامج ألفا - سلسلة من اللقاءات لاستكشاف الإيمان المسيحي - وراعي كنيسة الثالوث الاقدس برومبتون في كنسينغتون، لندن ، يساعد القراء على اتباع الكتاب المقدس في برنامج مدته سنة واحدة لفهم الكتاب المقدس بشكل أفضل.
Podcast
اشترك واستمع إلى The Bible with Nicky and Pippa Gumbel الذي يتم توصيله إلى تطبيق البودكاست المفضل لديك يوميًا.