الصداقة اللصيقة
المقدمة
أتذكر دائما واحداً من أمهر وأذكى الناس الذين قابلتهم في حياتي. كان عالماً ومفكراً. وله عقل متقد الذكاء. التقينا في المدرسة وفي الجامعة. وبعد حوالي ثلاثة أشهر من مواجهتي الأولى مع يسوع المسيح (كطالب في السنة الأولى)، اختبر يسوع هو أيضا. وعلى الفور بدأ يقرأ كتبا لاهوتية ضخمة.
أذكر ذات مرة أنني سألته بعدما صار مسيحيا بوقت قصير جدا عما كان يقرأ. فأجاب بأنه كان يقرأ عن "سمو وحلول" الله. لم يكن لدي فكرة ماذا كان يقصد. وكان عليَّ البحث عن هاتين الكلمتين في القاموس.
يصف كل من "السمو أو التعالي" و"الحلول" طبيعة علاقتنا مع الله والتي تحتوي على ما يشبه التناقض. "تعالي" الله يعني أن الله موجودٌ ومستقلٌ، ولا يخضع لحدود الكون المادي. إنه فوق ووراء، متخط ومنزه، وهو يسمو عنا بما لا يقاس.
ومن ناحية أخرى، يعني حلول الله أنه من الممكن أن تختبر صداقته المباشرة. في قراءة العهد القديم اليوم، يتكلم أيوب عن "صداقة الله اللصيقة" (أي4:29).
فقط عندما ندرك علو الله وسموه سنرى كم أن حلوله رائع، وما هي ضخامة امتياز أن نتمتع بصداقة الله اللصيقة.
المَزاميرُ 18:7-15
7 فارتَجَّتِ الأرضُ وارتَعَشَتْ، أُسُسُ الجِبالِ ارتَعَدَتْ وارتَجَّتْ لأنَّهُ غَضِبَ.
8 صَعِدَ دُخانٌ مِنْ أنفِهِ، ونارٌ مِنْ فمِهِ أكلَتْ. جَمرٌ اشتَعَلَتْ مِنهُ.
9 طأطأَ السماواتِ ونَزَلَ، وضَبابٌ تحتَ رِجلَيهِ.
10 رَكِبَ علَى كروبٍ وطارَ، وهَفَّ علَى أجنِحَةِ الرّياحِ.
11 جَعَلَ الظُّلمَةَ سِترَهُ. حَوْلهُ مِظَلَّتَهُ ضَبابَ المياهِ وظَلامَ الغَمامِ.
12 مِنَ الشُّعاعِ قُدّامَهُ عَبَرَتْ سُحُبُهُ. بَرَدٌ وجَمرُ نارٍ.
13 أرعَدَ الرَّبُّ مِنَ السماواتِ، والعَليُّ أعطَى صوتَهُ، بَرَدًا وجَمرَ نارٍ.
14 أرسَلَ سِهامَهُ فشَتَّتَهُمْ، وبُروقًا كثيرَةً فأزعَجَهُمْ،
15 فظَهَرَتْ أعماقُ المياهِ، وانكَشَفَتْ أُسُسُ المَسكونَةِ مِنْ زَجرِكَ يا رَبُّ، مِنْ نَسمَةِ ريحِ أنفِكَ.
تعليق
اعبد الله المتسامي وأحبب حضوره الرائع
يتكلم داود عن محضر الله الرائع: "فَارْتَجَّتِ الأَرْضُ وَارْتَعَشَتْ أُسُسُ الْجِبَالِ. ارْتَعَدَتْ وَارْتَجَّتْ لأَنَّهُ غَضِبَ... مِنَ الشُّعَاعِ قُدَّامَهُ عَبَرَتْ سُحُبُهُ. بَرَدٌ وَجَمْرُ نَارٍ. أَرْعَدَ الرَّبُّ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْعَلِيُّ أَعْطَى صَوْتَهُ بَرَداً وَجَمْرَ نَارٍ" (ع7، 12-13).
نرى في هذا المزمور كل من قوة وغضب الله المتعالي: "ارْتَعَدَتْ وَارْتَجَّتْ لأَنَّهُ غَضِبَ" (ع7). غضب الله (رغم أنه ليس كيدياً أبدا أو ناجماً عن الحقد) هو رد فعله الشخصي ضد الخطية.
إذا نظرنا إلى الإتجار بالبشر، الاعتداء على الأطفال، التعذيب المؤسسي أو أي ظلم آخر دون الشعور بأي غضب، فقد فشلنا في أن نحب. يعد السخط ضد الشر عنصرا أساسيا في الخير والصلاح. نرى في هذا المزمور أن غضب الله هو الجانب العكسي لمحبته.
ومع هذا، يعبر داود في هذا المزمور عن صداقته الحميمة مع الله. فهو يبدأ بـ "أحبك يا رب يا قوتي" (ع1). لم يعتبر داود هذا أمرا مفروغا منه. بل أدرك الامتياز في أن يكون له صداقة حميمة مع الله المنزَّه.
صلاة
أشكرك يا رب لأنه بإمكاني أن يكون لي صداقة حميمة مع من خلق الكون كله. أحبك يا رب يا قوتي.
مَتَّى 21:33-22:14
33 «اِسمَعوا مَثَلًا آخَرَ: كانَ إنسانٌ رَبُّ بَيتٍ غَرَسَ كرمًا، وأحاطَهُ بسياجٍ، وحَفَرَ فيهِ مَعصَرَةً، وبَنَى بُرجًا، وسَلَّمَهُ إلَى كرّامينَ وسافَرَ.
34 ولَمّا قَرُبَ وقتُ الأثمارِ أرسَلَ عَبيدَهُ إلَى الكَرّامينَ ليأخُذَ أثمارَهُ.
35 فأخَذَ الكَرّامونَ عَبيدَهُ وجَلَدوا بَعضًا وقَتَلوا بَعضًا ورَجَموا بَعضًا.
36 ثُمَّ أرسَلَ أيضًا عَبيدًا آخَرينَ أكثَرَ مِنَ الأوَّلينَ، ففَعَلوا بهِمْ كذلكَ.
37 فأخيرًا أرسَلَ إليهِمُ ابنَهُ قائلًا: يَهابونَ ابني!
38 وأمّا الكَرّامونَ فلَمّا رأوا الِابنَ قالوا فيما بَينَهُمْ: هذا هو الوارِثُ! هَلُمّوا نَقتُلهُ ونأخُذْ ميراثَهُ!
39 فأخَذوهُ وأخرَجوهُ خارِجَ الكَرمِ وقَتَلوهُ.
40 فمَتَى جاءَ صاحِبُ الكَرمِ، ماذا يَفعَلُ بأولئكَ الكَرّامينَ؟».
41 قالوا لهُ: «أولئكَ الأردياءُ يُهلِكُهُمْ هَلاكًا رَديًّا، ويُسَلِّمُ الكَرمَ إلَى كرّامينَ آخَرينَ يُعطونَهُ الأثمارَ في أوقاتِها».
42 قالَ لهُمْ يَسوعُ: «أما قَرأتُمْ قَطُّ في الكُتُبِ: الحَجَرُ الّذي رَفَضَهُ البَنّاؤونَ هو قد صارَ رأسَ الزّاويَةِ؟ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كانَ هذا وهو عَجيبٌ في أعيُنِنا!
43 لذلكَ أقولُ لكُمْ: إنَّ ملكوتَ اللهِ يُنزَعُ مِنكُمْ ويُعطَى لأُمَّةٍ تعمَلُ أثمارَهُ.
44 ومَنْ سقَطَ علَى هذا الحَجَرِ يتَرَضَّضُ، ومَنْ سقَطَ هو علَيهِ يَسحَقُهُ!».
45 ولَمّا سمِعَ رؤَساءُ الكهنةِ والفَرّيسيّونَ أمثالهُ، عَرَفوا أنَّهُ تكلَّمَ علَيهِمْ.
46 وإذ كانوا يَطلُبونَ أنْ يُمسِكوهُ، خافوا مِنَ الجُموعِ، لأنَّهُ كانَ عِندَهُمْ مِثلَ نَبيٍّ.
المسيح وداود
1 وجَعَلَ يَسوعُ يُكلِّمُهُمْ أيضًا بأمثالٍ قائلًا:
2 «يُشبِهُ ملكوتُ السماواتِ إنسانًا مَلِكًا صَنَعَ عُرسًا لابنِهِ،
3 وأرسَلَ عَبيدَهُ ليَدعوا المَدعوّينَ إلَى العُرسِ، فلَمْ يُريدوا أنْ يأتوا.
4 فأرسَلَ أيضًا عَبيدًا آخَرينَ قائلًا: قولوا للمَدعوّينَ: هوذا غَدائي أعدَدتُهُ. ثيراني ومُسَمَّناتي قد ذُبِحَتْ، وكُلُّ شَيءٍ مُعَدٌّ. تعالَوْا إلَى العُرسِ!
5 ولكنهُمْ تهاوَنوا ومَضَوْا، واحِدٌ إلَى حَقلِهِ، وآخَرُ إلَى تِجارَتِهِ،
6 والباقونَ أمسَكوا عَبيدَهُ وشَتَموهُم وقَتَلوهُم.
7 فلَمّا سمِعَ المَلِكُ غَضِبَ، وأرسَلَ جُنودَهُ وأهلكَ أولئكَ القاتِلينَ وأحرَقَ مَدينَتَهُمْ.
8 ثُمَّ قالَ لعَبيدِهِ: أمّا العُرسُ فمُستَعَدٌّ، وأمّا المَدعوّونَ فلَمْ يكونوا مُستَحِقّينَ.
9 فاذهَبوا إلَى مَفارِقِ الطُّرُقِ، وكُلُّ مَنْ وجَدتُموهُ فادعوهُ إلَى العُرسِ.
10 فخرجَ أولئكَ العَبيدُ إلَى الطُّرُقِ، وجَمَعوا كُلَّ الّذينَ وجَدوهُم أشرارًا وصالِحينَ. فامتَلأَ العُرسُ مِنَ المُتَّكِئينَ.
11 فلَمّا دَخَلَ المَلِكُ ليَنظُرَ المُتَّكِئينَ، رأى هناكَ إنسانًا لَمْ يَكُنْ لابِسًا لباسَ العُرسِ.
12 فقالَ لهُ: يا صاحِبُ، كيفَ دَخَلتَ إلَى هنا وليس علَيكَ لباسُ العُرسِ؟ فسكَتَ.
13 حينَئذٍ قالَ المَلِكُ للخُدّامِ: اربُطوا رِجلَيهِ ويَدَيهِ، وخُذوهُ واطرَحوهُ في الظُّلمَةِ الخارِجيَّةِ. هناكَ يكونُ البُكاءُ وصَريرُ الأسنانِ.
14 لأنَّ كثيرينَ يُدعَوْنَ وقَليلينَ يُنتَخَبونَ».
تعليق
اقبل دعوة الله وتمتع بصداقته الحميمة
احتفل الأمير وليم وكاثرين ميدلتون في بريطانيا بزفافهما منذ عدة سنوات. تخيل كيف سيكون شعورك لو أنك تفتح البريد الخاص بك يوما, وتجد دعوة لحضور زفافهما. يقول يسوع إننا كلنا نتلقى الدعوة لأعظم حفل زفاف في كل التاريخ.
يشبه يسوع ملكوت الله على أنه كرم وأنه يشبه وليمة زفاف. تتكلم هاتين الصورتين عن كَرَم الله ومحبته الرائعة من نحوك.
ولكن محبة الله ليست محبة عاطفية. بل إننا مرة أخرى نرى الجانب العكسي من محبة الله ورحمته، والذي هو دينونته على من يرفضون محبته ويعملون الشر (35:21 إلخ). عندما "أَخَذَ الْكَرَّامُونَ عَبِيدَهُ وَجَلَدُوا بَعْضاً وَقَتَلُوا بَعْضاً وَرَجَمُوا بَعْضاً" (ع35)، وكتصرف أخير يعبر عن التمرد، أخذوا ابنه "وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ" (ع39)، حينئذ وقعت الدينونة (ع41).
يتنبأ يسوع عن موته هو. فهو "الابن" و"الوارث" (ع37-38) الذي أرسله الله. ولكنهم "قتلوه" (ع39). إنه الحجر "الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ" (ع42). إنه من ينفذ الدينونة (ع44). كانت الدينونة ستقع بسبب رفضهم ليسوع (لقد كانوا يبحثون عن طريقة للقبض على يسوع، ع46).
بالمثل، في حالة وليمة العرس، أصدر الله دعوة مفتوحة لصداقة حميمة معه. إنه لامتياز عظيم أن تكون مدعوا لهذا الزفاف الملكي. إنها دعوة مكلفة وثمينة (4:22) وهي دعوة مفتوحة (ع9-10). الكل مدعو. وقد تم تكرار الدعوة مرات ومرات (ع-4).
أجده أمرا آسرا أن يسوع يقارن ملكوت الله بحفل. إنه على العكس مما يظنه أناس كثيرون في الله والكنيسة والإيمان. إنهم يظنونه أمراً كئيباً ومملاً ويجلب الضجر. لكن يقول يسوع أن ملكوت الله عبارة عن حفل. إنه احتفال به الكثير من الضحك والفرح والتعييد.
لكن، كان هناك البعضعندما تم تذكيرهم بدعوتهم، "تَهَاوَنُوا وَمَضَوْا وَاحِدٌ إِلَى حَقْلِهِ وَآخَرُ إِلَى تِجَارَتِهِ" (ع5). كانت أملاكهم وأعمالهم أولويات أعلى من علاقتهم مع يسوع. كان البعض وقحين وعدائيين بصورة غير عادية – فقد "أَمْسَكُوا عَبِيدَهُ وَشَتَمُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ" (ع6). يقول يسوع، "فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ غَضِبَ" (ع7).
ليست دعوة الله أمرا يُؤخذ باستخفاف أو بتهكم. إنها دعوة رائعة وجميلة. إنه امتياز عظيم أن يدعوك الله المتعال ليكون لك صداقة حميمة معه. لكن، ليس كافيا أن تذهب ضمن الذاهبين وكفى. أنت بحاجة إلى ملابس الزفاف الصحيحة (ع11-13). لا يمكنك دخول ملكوت السموات بشروطك أنت – فقط بشروط يسوع. حمداً لله أنه من خلال موته وقيامته ومن خلال عطية الروح القدس، أمدّك يسوع بالملابس التي تحتاجها.
صلاة
أشكرك يا رب لأنه في محبتك، تقيم وليمة لأجلي. يا رب إنني اقبل دعوتك وآتي لك اليوم لأتمتع بصداقتك.
أيّوبَ 25:1-29:25
بلدد الشوحي
1 فأجابَ بلدَدُ الشّوحيُّ وقالَ:
2 «السُّلطانُ والهَيبَةُ عِندَهُ. هو صانِعُ السَّلامِ في أعاليهِ.
3 هل مِنْ عَدَدٍ لجُنودِهِ؟ وعلَى مَنْ لا يُشرِقُ نورُهُ؟
4 فكيفَ يتَبَرَّرُ الإنسانُ عِندَ اللهِ؟ وكيفَ يَزكو مَوْلودُ المَرأةِ؟
5 هوذا نَفسُ القَمَرِ لا يُضيءُ، والكَواكِبُ غَيرُ نَقيَّةٍ في عَينَيهِ.
6 فكمْ بالحَريِّ الإنسانُ الرِّمَّةُ، وابنُ آدَمَ الدّودُ؟».
أيوب
1 فأجابَ أيّوبُ وقالَ:
2 «كيفَ أعَنتَ مَنْ لا قوَّةَ لهُ، وخَلَّصتَ ذِراعًا لا عِزَّ لها؟
3 كيفَ أشَرتَ علَى مَنْ لا حِكمَةَ لهُ، وأظهَرتَ الفَهمَ بكَثرَةٍ؟
4 لمَنْ أعلَنتَ أقوالًا، ونَسَمَةُ مَنْ خرجَتْ مِنكَ؟
5 «الأخيِلَةُ ترتَعِدُ مِنْ تحتِ المياهِ وسُكّانِها.
6 الهاويَةُ عُريانَةٌ قُدّامَهُ، والهَلاكُ ليس لهُ غِطاءٌ.
7 يَمُدُّ الشَّمالَ علَى الخَلاءِ، ويُعَلِّقُ الأرضَ علَى لا شَيءٍ.
8 يَصُرُّ المياهَ في سُحُبِهِ فلا يتَمَزَّقُ الغَيمُ تحتَها.
9 يَحجُبُ وجهَ كُرسيِّهِ باسِطًا علَيهِ سحابَهُ.
10 رَسَمَ حَدًّا علَى وجهِ المياهِ عِندَ اتِّصالِ النّورِ بالظُّلمَةِ.
11 أعمِدَةُ السماواتِ ترتَعِدُ وتَرتاعُ مِنْ زَجرِهِ.
12 بقوَّتِهِ يُزعِجُ البحرَ، وبفَهمِهِ يَسحَقُ رَهَبَ.
13 بنَفخَتِهِ السماواتُ مُسفِرَةٌ ويَداهُ أبدأتا الحَيَّةَ الهارِبَةَ.
14 ها هذِهِ أطرافُ طُرُقِهِ، وما أخفَضَ الكلامَ الّذي نَسمَعُهُ مِنهُ وأمّا رَعدُ جَبَروتِهِ فمَنْ يَفهَمُ؟».
أيّوبَ 27
1 وعادَ أيّوبُ يَنطِقُ بمَثَلِهِ فقالَ:
2 «حَيٌّ هو اللهُ الّذي نَزَعَ حَقّي، والقديرُ الّذي أمَرَّ نَفسي،
3 إنَّهُ ما دامَتْ نَسَمَتي فيَّ، ونَفخَةُ اللهِ في أنفي،
4 لن تتَكلَّمَ شَفَتايَ إثمًا، ولا يَلفِظَ لساني بغِشٍّ.
5 حاشا لي أنْ أُبَرِّرَكُمْ! حتَّى أُسلِمَ الرّوحَ لا أعزِلُ كمالي عَنّي.
6 تمَسَّكتُ ببِرّي ولا أرخيهِ. قَلبي لا يُعَيِّرُ يومًا مِنْ أيّامي.
7 ليَكُنْ عَدوّي كالشِّرّيرِ، ومُعانِدي كفاعِلِ الشَّرِّ.
8 لأنَّهُ ما هو رَجاءُ الفاجِرِ عندما يَقطَعُهُ، عندما يَسلُبُ اللهُ نَفسَهُ؟
9 أفَيَسمَعُ اللهُ صُراخَهُ إذا جاءَ علَيهِ ضيقٌ؟
10 أم يتَلَذَّذُ بالقديرِ؟ هل يَدعو اللهَ في كُلِّ حينٍ؟
11 «إنّي أُعَلِّمُكُمْ بيَدِ اللهِ. لا أكتُمُ ما هو عِندَ القديرِ.
12 ها أنتُمْ كُلُّكُمْ قد رأيتُمْ، فلماذا تتَبَطَّلونَ تبَطُّلًا؟ قائلينَ:
13 هذا نَصيبُ الإنسانِ الشِّرّيرِ مِنْ عِندِ اللهِ، وميراثُ العُتاةِ الّذي يَنالونَهُ مِنَ القديرِ.
14 إنْ كثُرَ بَنوهُ فللسَّيفِ، وذُرّيَّتُهُ لا تشبَعُ خُبزًا.
15 بَقيَّتُهُ تُدفَنُ بالموتانِ، وأرامِلُهُ لا تبكي.
16 إنْ كنَزَ فِضَّةً كالتُّرابِ، وأعَدَّ مَلابِسَ كالطّينِ،
17 فهو يُعِدُّ والبارُّ يَلبَسُهُ، والبَرِئُ يَقسِمُ الفِضَّةَ.
18 يَبني بَيتَهُ كالعُثِّ، أو كمَظَلَّةٍ صَنَعَها النّاطورُ.
19 يَضطَجِعُ غَنيًّا ولكنهُ لا يُضَمُّ. يَفتَحُ عَينَيهِ ولا يكونُ.
20 الأهوالُ تُدرِكُهُ كالمياهِ. ليلًا تختَطِفُهُ الزَّوْبَعَةُ.
21 تحمِلُهُ الشَّرقيَّةُ فيَذهَبُ، وتَجرُفُهُ مِنْ مَكانِهِ.
22 يُلقي اللهُ علَيهِ ولا يُشفِقُ. مِنْ يَدِهِ يَهرُبُ هَرَبًا.
23 يَصفِقونَ علَيهِ بأيديهِمْ، ويَصفِرونَ علَيهِ مِنْ مَكانِهِ.
أيّوبَ 28
1 «لأنَّهُ يوجَدُ للفِضَّةِ مَعدَنٌ، ومَوْضِعٌ للذَّهَبِ حَيثُ يُمَحِّصونَهُ.
2 الحَديدُ يُستَخرَجُ مِنَ التُّرابِ، والحَجَرُ يَسكُبُ نُحاسًا.
3 قد جَعَلَ للظُّلمَةِ نَهايَةً، وإلَى كُلِّ طَرَفٍ هو يَفحَصُ. حَجَرَ الظُّلمَةِ وظِلَّ الموتِ.
4 حَفَرَ مَنجَمًا بَعيدًا عن السُّكّانِ. بلا مَوْطِئٍ للقَدَمِ، مُتَدَلّينَ بَعيدينَ مِنَ النّاسِ يتَدَلدَلونَ.
5 أرضٌ يَخرُجُ مِنها الخُبزُ، أسفَلُها يَنقَلِبُ كما بالنّارِ.
6 حِجارَتُها هي مَوْضِعُ الياقوتِ الأزرَقِ، وفيها تُرابُ الذَّهَبِ.
7 سبيلٌ لَمْ يَعرِفهُ كاسِرٌ، ولَمْ تُبصِرهُ عَينُ باشِقٍ،
8 ولَمْ تدُسهُ أجراءُ السَّبعِ، ولَمْ يَعدُهُ الزّائرُ.
9 إلَى الصَّوّانِ يَمُدُّ يَدَهُ. يَقلِبُ الجِبالَ مِنْ أُصولها.
10 يَنقُرُ في الصُّخورِ سرَبًا، وعَينُهُ ترَى كُلَّ ثَمينٍ.
11 يَمنَعُ رَشحَ الأنهارِ، وأبرَزَ الخَفيّاتِ إلَى النّورِ.
12 «أمّا الحِكمَةُ فمِنْ أين توجَدُ، وأين هو مَكانُ الفَهمِ؟
13 لا يَعرِفُ الإنسانُ قيمَتَها ولا توجَدُ في أرضِ الأحياءِ.
14 الغَمرُ يقولُ: لَيسَتْ هي فيَّ، والبحرُ يقولُ: لَيسَتْ هي عِندي.
15 لا يُعطَى ذَهَبٌ خالِصٌ بَدَلها، ولا توزَنُ فِضَّةٌ ثَمَنًا لها.
16 لا توزَنُ بذَهَبِ أوفيرَ أو بالجَزعِ الكَريمِ أو الياقوتِ الأزرَقِ.
17 لا يُعادِلُها الذَّهَبُ ولا الزُّجاجُ، ولا تُبدَلُ بإناءِ ذَهَبٍ إبريزٍ.
18 لا يُذكَرُ المَرجانُ أو البَلّورُ، وتَحصيلُ الحِكمَةِ خَيرٌ مِنَ اللّآلِئ.
19 لا يُعادِلُها ياقوتُ كوشَ الأصفَرُ، ولا توزَنُ بالذَّهَبِ الخالِصِ.
20 «فمِنْ أين تأتي الحِكمَةُ، وأين هو مَكانُ الفَهمِ؟
21 إذ أُخفيَتْ عن عُيونِ كُلِّ حَيٍّ، وسُتِرَتْ عن طَيرِ السماءِ.
22 الهَلاكُ والموتُ يقولانِ: بآذانِنا قد سمِعنا خَبَرَها.
23 اللهُ يَفهَمُ طريقَها، وهو عالِمٌ بمَكانِها.
24 لأنَّهُ هو يَنظُرُ إلَى أقاصي الأرضِ. تحتَ كُلِّ السماواتِ يَرَى.
25 ليَجعَلَ للرّيحِ وزنًا، ويُعايِرَ المياهَ بمِقياسٍ.
26 لَمّا جَعَلَ للمَطَرِ فريضَةً، ومَذهَبًا للصَّواعِقِ،
27 حينَئذٍ رآها وأخبَرَ بها، هَيّأها وأيضًا بَحَثَ عنها،
28 وقالَ للإنسانِ: هوذا مَخافَةُ الرَّبِّ هي الحِكمَةُ، والحَيَدانُ عن الشَّرِّ هو الفَهمُ».
أيّوبَ 29
1 وعادَ أيّوبُ يَنطِقُ بمَثَلِهِ فقالَ:
2 «يا لَيتَني كما في الشُّهورِ السّالِفَةِ وكالأيّامِ الّتي حَفِظَني اللهُ فيها،
3 حينَ أضاءَ سِراجَهُ علَى رأسي، وبنورِهِ سلكتُ الظُّلمَةَ.
4 كما كُنتُ في أيّامِ خَريفي، ورِضا اللهِ علَى خَيمَتي،
5 والقديرُ بَعدُ مَعي وحَوْلي غِلماني،
6 إذ غَسَلتُ خَطَواتي باللَّبَنِ، والصَّخرُ سكَبَ لي جَداوِلَ زَيتٍ.
7 حينَ كُنتُ أخرُجُ إلَى البابِ في القريةِ، وأُهَيِّئُ في السّاحَةِ مَجلِسي.
8 رآني الغِلمانُ فاختَبأوا، والأشياخُ قاموا ووقَفوا.
9 العُظَماءُ أمسَكوا عن الكلامِ، ووضَعوا أيديَهُمْ علَى أفواهِهِمْ.
10 صوتُ الشُّرَفاءِ اختَفَى، ولَصِقَتْ ألسِنَتُهُمْ بأحناكِهِمْ.
11 لأنَّ الأُذُنَ سمِعَتْ فطَوَّبَتني، والعَينَ رأتْ فشَهِدَتْ لي،
12 لأنّي أنقَذتُ المِسكينَ المُستَغيثَ واليَتيمَ ولا مُعينَ لهُ.
13 بَرَكَةُ الهالِكِ حَلَّتْ علَيَّ، وجَعَلتُ قَلبَ الأرمَلَةِ يُسَرُّ.
14 لَبِستُ البِرَّ فكساني. كجُبَّةٍ وعِمامَةٍ كانَ عَدلي.
15 كُنتُ عُيونًا للعُميِ، وأرجُلًا للعُرجِ.
16 أبٌ أنا للفُقَراءِ، ودَعوَى لَمْ أعرِفها فحَصتُ عنها.
17 هَشَّمتُ أضراسَ الظّالِمِ، ومِنْ بَينِ أسنانِهِ خَطَفتُ الفَريسَةَ.
18 فقُلتُ: إنّي في وكري أُسَلِّمُ الرّوحَ، ومِثلَ السَّمَندَلِ أُكَثِّرُ أيّامًا.
19 أصلي كانَ مُنبَسِطًا إلَى المياهِ، والطَّلُّ باتَ علَى أغصاني.
20 كرامَتي بَقيَتْ حَديثَةً عِندي، وقَوْسي تجَدَّدَتْ في يَدي.
21 لي سمِعوا وانتَظَروا، ونَصَتوا عِندَ مَشورَتي.
22 بَعدَ كلامي لَمْ يُثَنّوا، وقَوْلي قَطَرَ علَيهِمْ.
23 وانتَظَروني مِثلَ المَطَرِ، وفَغَروا أفواهَهُمْ كما للمَطَرِ المُتأخِّرِ.
24 إنْ ضَحِكتُ علَيهِمْ لَمْ يُصَدِّقوا، ونورَ وجهي لَمْ يُعَبِّسوا.
25 كُنتُ أختارُ طريقَهُمْ وأجلِسُ رأسًا، وأسكُنُ كمَلِكٍ في جَيشٍ، كمَنْ يُعَزّي النّائحينَ.
تعليق
افهم علو وسمو الله واعرف حلوله وقربه
هل شعرت من قبل بأنك مغمور بالمشاكل والصعوبات التي تواجهها؟ هل تشك إذا كانت لدى الله القدرة أو الرغبة في أن يساعدك؟
لقد فهم أيوب سمو الله. فهو يقول، "إِنِّي أعَلِّمُكُمْ بِيَدِ اللهِ" (11:27أ). إنه يشير إلى أن كل شيء نراه عن قدرة الله في العالم الطبيعي المحيط بنا هو مجرد "الحافة الخارجية لأعماله" (ع12 تفسيرية).
الله قوي بما فيه الكفاية ليساعدك.
الله ليس فقط قوياً بدرجة كافية ليساعدك ؛ إنه يحبك أيضا بدرجة كافية ليفعل هذا. علِم أيوب ما يخص تنزيه الله تماما. لقد اختبر "صداقة الله اللصيقة" (4:29) حيث توجد الحكمة الحقيقية.
"هُوَذَا مَخَافَةُ الرَّبِّ هِيَ الْحِكْمَةُ وَالْحَيَدَانُ عَنِ الشَّرِّ هُوَ الْفَهْمُ" (28:28). تعني مخافة الرب احترام الله. في هذه العلاقة المحترمة مع الله نجد الحكمة. إننا نعلم الآن أن يسوع المسيح هو حكمة الله. ففي صداقة حميمة معه تجد الحكمة الحقيقية.
يصف أيوب القيمة العالية لهذه الحكمة: "أَمَّا الْحِكْمَةُ فَمِنْ أَيْنَ تُوجَدُ؟... لاَيُعْطَى ذَهَبٌ خَالِصٌ بَدَلَهَا وَلاَ تُوزَنُ فِضَّةٌ ثَمَناً لَهَا... اَللهُ يَفْهَمُ طَرِيقَهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِمَكَانِهَا ... هُوَذَا مَخَافَةُ الرَّبِّ هِيَ الْحِكْمَةُ وَالْحَيَدَانُ عَنِ الشَّرِّ هُوَ الْفَهْمُ" (12:28، 15- 28).
أي نوع من الحياة يؤدي إلى هذا؟ يؤدي إليه الحيدان عن الشر (ع28) وخدمة الفقير (12:29). يصف أيوب الحياة البارة بحق أنها مساعدة "المسكين ... اليتيم ... المحتضر ... الأرملة ... الأعمى ... الأعرج ... المحتاج ... الغريب" (ع12-16). لم يكن أيوب مهتماً فقط بالفقر بل وبالعدالة أيضا: "لَبِسْتُ الْبِرَّ فَكَسَانِي. كَجُبَّةٍ وَعَمَامَةٍ كَانَ عَدْلِي ... هَشَّمْتُ أَضْرَاسَ الظَّالِمِ وَمِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ خَطَفْتُ الْفَرِيسَةَ" (ع14، 17).
بينما تقترب من الله في صداقة حميمة، تصبح اهتماماته هي اهتماماتك. مثل أيوب، سترغب في أن تساعد المسكين واليتيم والمشرد والأرملة. ستريد أن تنقذ ضحايا الظلم. ستسعى لأن تهتم بالأعمى والأعرج والمحتاج واللاجئين في أرضك.
لم يفقد أيوب في الواقع صداقته الحميمة مع الله.لكنه في اللحظة التي كان يكتب فيها، كان قد فقد كلَّ إحساس ملموس بها. كان يمر بأكثر الآلام ترويعا. بدا له أن الله بعيدٌ عنه بأميال. ربما تكون مختبراً لشيء مماثل في تلك اللحظة. فإن كنت كذلك، تشجَّع بقصة أيوب.
عندما نأتي لنهاية سفر أيوب، نفهم أن الله لم يتركه أبدا. كان الله سيباركه بأكثر جدا مما فكر أن يطلب أو يتخيل من قبل. كان الله سيرد له الإحساس بصداقته الحميمة.
الآن، من خلال يسوع، يمكننا كلنا أن نختبر الصداقة الحميمة مع الله المتعالي وأن نعرف بركته القصوى في حياتنا.
صلاة
أشكرك يا رب لأجل نموذج حياة أيوب. في أوقات الضيق، ساعدني أن أتمسك بوعود صداقتك الحميمة وبركتك على حياتي. وإذ أقترب منك، لتصبح اهتماماتك بخصوص العدل والفقر هي اهتماماتي أنا أيضا.
تعليق من بيبا
نريد جميعا أن نشجع أصدقاءنا عندما يكونوا في احتياج.على الأقل ذهب أصدقاء أيوب إليه. أحيانا، في يأسنا نحاول أن نفهم ألمهم أو نحاول أن نساعد، فنقول أشياء ليست مفيدة على الإطلاق! من الصعب جدا أن نعرف كيف نساعد شخصاً ما عندما يكون في مواجهة آلامٍ طاحنة. قد يفهم بعض الناس الوضع بشكل صحيح، لكن يبقى التصرف الأفضل هو الإصغاء والصلاة.
التطبيق
قم بتنزيل تطبيق الكتاب المقدس في سنة واحدة لأجهزة iOS أو Android واقرأ كل يوم.
سجل الآن لتحصل على الكتاب المقدس في عام واحد على بريدك الإلكتروني كل صباح. ستتلقى بريدًا إلكترونيًا واحدًا كل يوم.
كتاب
نيكي جومبل ، رائد برنامج ألفا - سلسلة من اللقاءات لاستكشاف الإيمان المسيحي - وراعي كنيسة الثالوث الاقدس برومبتون في كنسينغتون، لندن ، يساعد القراء على اتباع الكتاب المقدس في برنامج مدته سنة واحدة لفهم الكتاب المقدس بشكل أفضل.
Podcast
اشترك واستمع إلى The Bible with Nicky and Pippa Gumbel الذي يتم توصيله إلى تطبيق البودكاست المفضل لديك يوميًا.
المراجع
Unless otherwise stated, Scripture quotations taken from the Holy Bible, New International Version Anglicised, Copyright © 1979, 1984, 2011 Biblica, formerly International Bible Society. Used by permission of Hodder & Stoughton Publishers, an Hachette UK company. All rights reserved. ‘NIV’ is a registered trademark of Biblica. UK trademark number 1448790.
Scripture marked (MSG) taken from The Message. Copyright © 1993, 1994, 1995, 1996, 2000, 2001, 2002. Used by permission of NavPress Publishing Group.